دخلت مياه الشرب المعبأة على خط الغلاء في السعودية، وتحولت المياه من مصدر لإطفاء "نيران الأسعار" إلى مصدر يزيدها اشتعالا.
ورفعت شركات ومصانع مياه الشرب في السعودية الأسعار بداية من العام الجاري لتسير على خطى السلع الغذائية، وتراوحت الزيادة بين 10% و20%، وسط توقعات بارتفاعات أخرى في فصل الصيف ومواسم الحج والعمرة؛ حيث يزداد الطلب.
وفيما يبرر مسؤولو شركات المياه ارتفاع الأسعار بارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في عملية التصنيع، يرى المستهلكون أن الارتفاع بات عشوائيا ولا توجد آلية محكمة لتنظيم ذلك.
</IMG> |
إلغاء العبوات المجانية وقال مشرف مبيعات شركة تعبئة المياه الصحية (نوفا) شعبان طمان "إنه تم رفع سعر المياه لمحلات البيع التجزئة ومراكز التسوق وليس للمستهلك بنسبة 10%".
وأضاف طمان لموقع "الأسواق. نت" "أن الزيادة تمت بشكل غير مباشر؛ إذ تم إلغاء العبوات المجانية التي كان يتم توزيعها لكل العبوات باستثناء العبوة 330 ملم؛ إذ كان يتم توزيع كرتون على كل 10 كراتين".
وأشار إلى أنه تم إلغاء العبوة المجانية للعبوات سعة 600 ملم و1.5 لتر و5 لترات و12 لترا، وهو ما يعني زيادة الأسعار 10%، ونحن هنا خفضنا هامش ربح التجار ولم يتعرض المستهلك لزيادة الأسعار.
وعزا طمان زيادة الأسعار من خلال إلغاء العبوات المجانية، إلى ارتفاع سعر مادة "بي إي تي" التي تستخدم في صنع العبوات البلاستيكية؛ إذ زادت بنسبة 30% خلال العام الماضي.
وأوضح أن شركة "سابك" المحتكرة لإنتاج تلك المادة ترفض توقيع عقود طويلة الأمد وحتى لو لعام لتوريد تلك المادة، ولا تزيد مدة العقد عن 3 شهور، ولا يتضمن تحديد سعر ثابت لتلك المادة.
ونبه طمان إلى أن أسعار المياه المعبأة مرشحة للارتفاع في الصيف المقبل؛ حيث يزيد الطلب عليها. |
</IMG> |
ارتفاع المواد الخام 30% واتفق معه مدير التسويق في شركة الهدا للمياه بندر الحربي، وعزا ارتفاع أسعار المياه إلى زيادة أسعار المواد الخام، والتي قللت من أرباح الشركات المعبئة للمياه في السعودية في العام الماضي بنسبة وصلت إلى 20%، وهو ما دفع الشركات لزيادة أسعار منتجاتها بداية من العام الجاري.
وقلل الحربي لـ"الأسواق.نت" من هذه الزيادة، وقال "إنها لا تعتبر كبيرة مقارنة بهامش ربح شركات المياه في السعودية الذي يعتبر قليلا جدا"، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لا تعتبر نهائية فهناك دراسة ومراقبة للسوق تحدد السعر وتغييراته".
وتوقع أن تقوم مصانع المياه التي لم ترفع أسعارها بزيادتها خلال الأيام المقبلة، بعد أن تعلن نتائجها المالية لعام 2007، والتي من المتوقع أن تظهر تراجعا في الأرباح، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية المرتفعة أصلا منذ قرابة العامين.
وقال مشرف المبيعات بشركة "الينابيع ونسلة" أحمد سليم "إن الشركة تحملت طوال العام الماضي الزيادة في أسعار المواد الخام والأولية المستخدمة في عملية التصنيع التي بلغت أكثر من 30%، مقارنة بتكلفتها في العام السابق".
وحول نسبة الزيادة في أسعار منتجات الشركة، فإن سليم لم يؤكد أو ينف ارتفاع الأسعار، معتبرا أن ذلك شأن إداري.
وأشار مدير المبيعات في أحد الأسواق التجارية محمد الفضلي، إلى ارتفاع سعر مياه الشرب بواقع 20% في المتوسط بداية من العام الجاري، وأرجع ذلك إلى زيادة أسعار العبوات بالجملة من مصانع المياه، بحجة ارتفاع سعر المواد البلاستيكية الداخلة في تركيب عبوات مياه الشرب البلاستيكية، الأمر الذي دعا أصحاب المنشآت التجارية إلى رفع الأسعار.
وأوضح أننا لما نرفع السعر من جانبنا بل تم بعد زيادة السعر من جانب المصانع، كما أن بعض المصانع كانت توزع عبوات مجانية، وقامت بإلغائها وزيادة السعر معا، ولو اقتصر الأمر على إلغاء العبوات المجانية ما ارتفعت الأسعار.
وقال سعيد الغامدي صاحب مؤسسة الغامدي لبيع الجملة "إن أسعار الجملة للمياه المعدنية زادت بنسبة وصلت إلى 36% لبعض المنتجات؛ حيث إن جميع الشركات أبلغتهم رسميا أن هناك تغييرا في سعر الجملة لجميع أحجام المياه المعدنية، وتم تطبيقها مطلع العام الجاري".
وخلال جولة في عدد من الأسواق التجارية ومحلات التجزئة في الرياض، بدا أن هناك تباينا في الأسعار؛ حيث شهدت بعض الأسواق ارتفاع أسعار العبوات التي تحتوي على لترين، بينما زاد البعض الآخر من سعر بيع الكرتون بالجملة. |
</IMG> |
استياء المستهليكن ويقول المستهلك فهد الزهراني "إنه أصبح لا يهتم كثيرا بارتفاع الأسعار، فالارتفاع صار شبه يومي، وأحمد الله أنني لست متزوجا، ولا أعول إلا نفسي والا لكانت الأسعار همي الأول والأخير".
وأضاف "أن على الجهات المسؤولة التدخل ووضع آلية تحدد نسب الزيادات في الأسعار وعدم ترك الحرية للمصانع والتجار لرفع الأسعار بنسب يحددونها، وهي قد تكون في أحيان كثيرة مبالغ فيها".
أما المستهلك زياد الشمري، فأعرب عن استيائه من الزيادة الجديدة في أسعار مياه الشرب المعبأة، وقال "إن ذلك يشكل عبئا جديدا عليه، خاصة أن أولاده لا يشربون إلا المياه المعبأة، ويرفضون غيرها".
وقال الشمري وهو موظف حكومى "إن أولاده تعودوا على شرب المياه المعبأة، وكانت أسعارها عادية، ولم تتحرك أسعارها صعودا بشكل كبير خلال السنوات الماضي، ولكن أن ترتفع 20% مرة واحدة فهذا ظلم حقيقي، خاصة مع المياه". |
</IMG> |
70 مصنعا تنتج 5 مليارات لتر وأوضحت إحصاءات غير رسمية أن سوق مياه التعبئة شهد نموا متزايدا في السعودية خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن أفادت التقارير أن هناك زيادة ملحوظة في ارتفاع استهلاك السعوديين السنوي للمياه المعبأة، خصوصا في أشهر الصيف ومواسم الحج والعمرة التي تمتاز بزيادة مستويات الاستهلاك لأكثر من ثلثي حصة السوق.
وتعد المملكة أكبر سوق للمياه المعبأة في المنطقة؛ إذ يزيد حجم السوق بشكل مضطرد كل عام.
ويبلغ عدد مصانع المياه المعبأة في السعودية نحو 70 مصنعا، مقابل ستة مصانع قبل 25 عاما، تستحوذ مدينة الرياض وحدها على 14 مصنعا، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذه المصانع أكثر من 5 مليارات لتر سنويا، ويتجاوز حجم استثماراتها 1.5 مليار ريال، (الدولار = 3.75 ريالات).
وتقدر الدراسات حجم إنفاق الأسر السعودية على المياه المعبأة بنحو بليون ريال سنويا، ومن المتوقع نمو هذه الصناعة بمعدل 5% سنويا. |