ان الإبتسام والفرح هما أرقى تعبير عن الحزن العميق , الأصيل ..
ان الحزن هو وليد التجربة الكبيرة , والخبرة بالناس والأشياء إنه دليل على المعرفة العميقة بالحياة .. فالإنسان كلما زادت خبرته وتجاربه تبين أن الدنيا تنطوى على مأساة .. كل شئ يفلت من اليد ويضيع .. الزهور تذبل , والوجوه الجميلة تتغضن والعواطف والأطفال والأصدقاء .. كل شئ له محطة يقف عندها وينتهى , ثم هذه (المصادفة) التى تقف فى طريق البشر وتهددنا جميعاً .. الشاب الجميل الذى يعتزم ان يذهب إلى بيت فتاته بعد أيام ليخطبها .. هذا الشاب الذى نسجته أحلام رقيقة حلوة فامتلأ بالبراءة والفرح والنشوة , وهو يعبر طريق الكورنيش ..صدمته عربة وتحول الى كتلة من العظام المعجونة بالدم ..نقلوه الى المستشفى ومات ..
أليست هذه المصادفة شيئاً كئيباً يترصد الوجود البشرى ؟ من الممكن ان تقفز فى أى لحظة لتفسد كل شئ
ولكن الإنسان الحزين فقط هو مشروع إنسان أما الإنسان الناضج فهو الذى يبتسم ويفرح
وإذا كان الحزن دليل على المعرفة فالفرح والابتسام هما دليل على احتمال الحياة ..
عندما يبتسم الحزين فهو يقول لنفسه وللحياة : أنا طرف فى المأساة ,ولكننى قررت أن أحتمل ..
فكلما اشتد به الحزن قاده إحساسه الجميل العميق الى الضحك , والابتسام إنه لم يشأ أن يعبّر عن حزنه تعبيراً سطحياً وليس هناك أكثر سطحية من الدموع , والاستسلام للكآبة
أما التعبير القوى عن الحزن فهو الفرح , والبشاشة , ومقاومة الأسى
ان الابتسامة هى الاكتشاف الذى توصلت إليه هذه النفوس العميقة التى شربت أكثر كؤوس الحزن مرارة , وعرفت أن أعظم ما فى الحياة هو احتمال الحياة .
[hr]